البؤساء: بين الخيال المحسوس وواقع فنكوش

بينما يسير مطأطئ الرأس، محني العود، ينظر الى العالم السفلي، لا يدري الى أين تحمله قدماه ولكن عقله يوجهه نحو أفكار تكاد تكون حقيقية.... يُخرج من جيبه سجائره فيشعلها وتشتعل معه أحاسيسه ويتمتم بكلام لم يفهمه أحد ولا حتى هو، يشمي  يلاحظ من يراقبه من الناس ويسأل نفسه سؤالاً أليس لهؤلاء عملاً غير مراقبتي؟؟ وفي واقع الأمر كلٌ مشغول بحاله ولكن إلتقاء الأعين يحمل معه الكثير من المعاني.. فكل الناس تحكم على بعضها البعض من دون أن يتلاقوا ونادراً ما يصح هذا الحكم المشؤوم المبني على أساس الحالة النفسية لصاحب هذا القرار، فإذا كان سعيداً فكل الناس وقت إذ رائعون إذا كان البؤس يملأ قلبه فعنئذ كلهم أعداء الوطن والدين

يرا بعينيه الثلاث، فليس له واحدة خلف رأسه كَلا ولكن لديه واحدة في قلبه يستطيع من خلالها أن يبث كِلا من الخوف والحب في داخل أعين مَن حوله فتلك العين تكسبه من الغموض والرهبة التي لا يمكن فك نظراتها إلا بأحد مثله...... فكل هؤلاء الناس يسعون إلى هدف سمي بالنسبة لكثير منهم ولكن حقير بالنسبة لقلة من الناس.... يتذكر مقطع من أغنية يحبها كثيراً فيبدأ يغنيها ويُسمعها للمارين بصوته الباص العميق فينظر له الناس نظرات بين الاعجاب والاستحقار،،،  فيستحقروه ليس لأن صوته رديئاً فحسب ولكن لأنه أيضاً يغني أغاني الغرب والأجانب ..........ويعجبون به لأن مع هذه المشية والخمول والضعف وشحوبه وجهه الذي من أول وهلة تشعر بأنه بائس حزين ألا وأنه العكس تماماً منشرح، فرح ويغني بصوته المليء بالنشاذ ولا يكرث بمن حوله فأنت حر طالما لا تضر وإذا كان صوته سيئاً لهذه الدرجة فليس صوته بأسواء من أبواق السيارات ؟ونداء الباعة الجائلين، فعلى الأقل أليس للغناء لحن

يعلم ما في الدنيا من بساطة وهم لا يعلمون، يرى ما في الدنيا من حلاوة وجمال وهم عُمي لا يرون، أعماهم جهلهم ولكن من هو لينصحهم وليحكم عليهم وهو في نظرهم إنسان بائس ولكن الحياة في جعبته من أفكار وكلام مخمور يُسعد ويُسكر سامعه ولكن من يسأله ويحاوره، من يستجوب صاحب هذه الخمارة المتنقلة، فما هو بترجمان وما هو بدرجة عالية من التثقف ولكنه بسيط ويعرف ما في هذه الدنيا من فنكوش يُسِر الناظرين ويدرك تمام الإدراك أن البائس حقاً هو ذلك الذي ضحى بأحلامه الذي حلم بها وهو طفل في سبيل الاندماج عندما يكبر في المجتمع ويصبح واحداً منهم بلا هويةٌ تذكر سوى على أوراقه الشخصية 
هو يعلم أن البائس حقاً هو البائس من داخله حتو ولو بانت عليه جميع ألوان النعم والترف



Comments

Popular Posts