المفكرون مرضى العصر

مالي أنا وفنجان قهوتي، مالي أنا والناس، مالي والشك يراودني ويقتلني، مالي بالعشق والحب والجنون، مالي بالعلم والأفكار والظنون، ما هذه الحياة التي نلعبها، ما هذه الدوافع ماذا ماذا ماذا!!!!!     السياسة والدين، الحب والعلوم، الانشغال والوطن ولك الاختيار، أفكار متباعدة ولكن في ذاتها متداخلة، لا أحب أن أقول هذا ولكن الحمقى كُثر، والمفكرين دُثر، والأشكال ناطحة والقلوب ناقمة والكذب شاع والنفاق ذاع والسلام في القاع والحب في صراع. عوداً من البخور الطيب يزين فرائس أنفي وكوب من القهوة الداكنة مسواة على نار هادئة يستهيم لها عقلي وتبغضها معدتي، غرفة لا بأس بها فيها كل متطلبات حياتي بل وأكثر ولكن هنالك بعض الأشياء التي تحتاج إلى تحديث غير هذا فالصراع الداخلي قائم والمعركة على أشدها. تبدأ بوادر هذه المعركة في سن النضوج والبلوغ حين تبدأ أفكارك أنت بالذيوع والصيت يزداد بداخلك، تنفر من أفكار غيرك وتعتز بأفكارك أنت وليدة تفكيرك،تحب أن تري للناس عجائب قدرتك وتقول لهم ها أنا ذا، ظاهر وواضح لي آرائي، معتز بنفسي وسُحقاً للعالم أجمع، سُحقاً لكم جميعاً.

ولكن بعد وقت ليس بكثير تبدأ الحقائق في الظهور أمامك، تعرف أن خبرتك في الحياة معدومة وأنك لم تفهم معنى النضوج جيداً وأن اعتضادك برأيك دائماً خطأ ويجب أن تتقبل آراء الآخرين ويجب أن تترك لعقلك حرية التفكير والاستنارة لفهم الحقائق عن طريق خطوات عملية وتفكير رزين وراق، فالنضوج هو تقبل الآراء، هو تقبل الأحاديث، هو تقبل النقد ولكن قليلاً منا من نضجوا. وبعد هذه الصفحة من الاستنارة والمعرفة وتوسيع المدارك والتثقف تصل إلى نتيجة حتمية لا يمكن الزيغ عنها وهي أن الأغبياء كُثر وسُحقاً للناس، سُحقاً لمن باع نفسه وسُحقاً لمن اشترى نفساً غير نفسه واللعنة على المنافقين الأفاكين وتكره الاختلاط، وتخشى التقرب لأن الناس ما هم إلا طفيليات تتغذى عليك، منهم من يتغذى على نجاحك والآخر على خضوعك وفشلك..

ليس كلهم كذلك وليس كلهم كهؤلاء خونة البشرية والنفس، فهنالك أُناس اصطفيتهم لنفسك، الطاهرون الأوفياء، أمل في الحياة، درعاً ضد الأغبياء، فحينما تلعن البشرية بصوت عال تقول دائماً في كينونة نفسك إلا كذا وكذا وكذا.. رغم أنني قررت عدم الكتابة وعدم التعبير عن رأيي لأن لا أمل في شعب مليء بالنزاعات الأخلاقية، لا أمل في شعب يبرر الخطأ من أجل أن يخاطب ود أحدهم وينهى عن الصحيح لأن من يقوم بهذا العمل الصالح شخص يكن له بعض الضغائن وللكلام بقية ولكن.....